بيئة تعليمية أفضل للأطفال في وادي عتبة, ليبيا
تُرحب مدرسة تقروطين في وادي عتبة بالطلبة الذين يتتوقون إلى العودة إليها، بفصولها الدراسية الجديدة التي أعيد تأهيلها ودورات المياه المناسبة بالإضافة إلى المياه الصالحة للشرب.
- متوفر بـ:
- English
- العربية
تقع مدرسة تقروطين في بلدية وادي عتبة جنوب ليبيا وتأسست في عام 1970، حيث كانت تضم مبنى بسيط مصنوع من الطوب تم إنشاؤه بجهود أفراد المجتمع المحلي فقط. واجهت المدرسة العديد من التحديات على مر السنين؛ نظرًا إلى قلة أعمال الصيانة كما أدت قلة الفصول الدراسية التي اقتصرت على (4) فصول متهالكة ومكتظة فقط إلى خلق بيئة تعلم غير مناسبة. تعكس الحالة السيئة للمدرسة التحديات الكبيرة التي يواجهها طلابها، حيث تحتاج مرافقها وبنيتها التحتية إلى تحسينات كبيرة.
"كانت تجربة الدراسة هنا صعبة للغاية؛ لا سيما في الفصول الدراسية غير المُضاءة جيدًا، فقد كنت بالكاد أرى ما هو مكتوب على السبورة، كما كانت الشقوق التي تملأ الجدران تبث الخوف فينا، فضلًا عن السقف الذي بدا يتهاوى مُنذرًا بالسقوط في أي لحظة"
عانى طلبة مدرسة تقروطين من حالة الفصول الدراسية الرديئة والبيئة العامة السيئة، التي تعكس المشكلة الأكبر والمُتمثلة في سوء البنية التحتية للمدرسة. في الواقع، لم تؤثر الجدران والأسقف المتهاوية على سير العملية التعليمية فحسب، بل ولدّت أيضًا الشعور بالخوف والقلق لدى الطلبة، مما أثر على تركيزهم وشعورهم بالأمان.
تقول علياء: "كان الذهاب إلى المدرسة أمرًا صعبًا، ولم يكن المكان الأمثل للتعلم على الإطلاق، حيث لم يكن في المدرسة سوى حمام واحد ،غير نظيف، مشترك للأولاد والبنات والمعلمين، وتضيف علياء: "في معظم الأوقات، كان علينا العودة إلى المنزل أو إلى المسجد القريب لاستخدام الحمام".
يُسلط النقص في المرافق الأساسية، مثل دورات المياه المناسبة ومياه الشرب النظيفة، الضوء على حقيقة الدور المهم الذي تؤديه البيئة المادية ومرافق البنية التحتية الأساسية في تشكيل معالم التجربة التعليمية، كما تؤكد على العلاقة الأساسية التي تربط بين المرافق المناسبة وقدرة الطلبة على التركيز والمشاركة في دراستهم.
من جانبها أعربت معلمة الصف الخامس، خديجة محمد سليمان عن التحديات التي تواجههم مضيفةً، "كنا نعاني كثيرًا من الحرارة خلال فصل الصيف وذلك بسبب عدم وجود أجهزة لتكييف الهواء، لا سيمّا أنّ درجات الحرارة تكون مرتفعة للغاية في هذه المنطقة خلال فصل الصيف"، كما أشارت إلى أثر حالة الفصول الدراسية على بيئة التعلم التي من المفترض أن تجذب الطلبة وكيف حدت ندرة الموارد التعليمية الأساسية من قدرتهم على توفير تجربة تعليمية متنوعة وثرية؛ الأمر الذي أدى إلى تقييد إمكاناتهم التعليمية وقلص من فرص تعلم الطلبة.
واجه مدير المدرسة، صالح المهدي باشا العديد من التحديات الإدارية والتشغيلية نظرًا لمشكلات البنية التحتية في المدرسة. كانت عملية إدارة المدرسة في ظل هذه الظروف صعبة وتُثقل الكاهل؛ لا سيمّا أنّه كان يتعين عليه ضمان سلامة الطلبة والموظفين ضمن نطاق مبنى متهالك، وأشار إلى أنّه
"علاوة على محدودية الموارد، كان يتوجب علينا في كثير من الأحيان الاختيار بين الإصلاحات الأساسية وجودة التعليم، كما كانت مسألة توفير بيئة تعليمية جيدة في هذه الظروف الصعبة تشكّل عبئ كبيرًا علينا".
في عام 2022، نفّذت اليونيسف، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، مشروع لإعادة تأهيل وبناء ملعب مخصص لكرة القدم، وسرعان ما حقق هذا الملعب نجاحًا باهرًا، وتحول إلى مركز ينبض بالحياة، ليس فقط لطلبة المدرسة بل للشباب أيضًا في كافة أنحاء المدينة. شكّل هذا الملعب مساحة واسعة للرياضة والترفيه والتجمعات المجتمعية، كما عزّز من مستويات المشاركة المجتمعية والشبابية. أدرك فريق يونيسف الاحتياجات الملحة لمدرسة تقروطين القريبة المُتمثلة في إعادة تأهيلها، بعد إجراء تقييم مفصّل لوضع المدرسة والتشاور مع وزارة التربية والتعليم.
إدراكًا للحاجة الملحة في توفير مرافق أفضل، عملت اليونيسف على تركيب أربعة فصول دراسية ودورات مياه جاهزة بهدف تحسين ممارسات النظافة. علاوةً على ذلك، شهدت الخدمات الأساسية بالمدرسة تحسينًا كبيرًا؛ حيث تم تركيب نظام جديد لإمدادات المياه والصرف الصحي من أجل الحصول على مياه صالحة للشرب، كما تم تحديث الشبكة الكهربائية من خلال وحدات الإنارة والمقابس الجديدة لتعزيز الرؤية والسلامة، كما تم إضافة وحدات تكييف الهواء إلى كل فصل دراسي لتوفير سبل الراحة اللازمة في الطقس الحار.
قال الطالب سعيد سليمان حمادي سليمان، (14 عام)، من الصف التاسع، "لقد انتقلنا الآن إلى المدرسة الجديدة وهي في غاية الروعة؛ حيث تتوفر سبورات ومكاتب ومقاعد جديدة، بالإضافة إلى وجود حمامات منفصلة للأولاد والبنات والمعلمين مزودة بمياه صالحة للشرب. أنا حقًا سعيد جدًا الآن؛ خاصًة مع وجود ساحة أفضل تتيح لنا اللعب أثناء فترات الاستراحة"
علاوة على ذلك، تم تحسين مظهر المدرسة وحالتها بشكل كبير، من خلال النوافذ والأبواب المنزلقة الجديدة، كما تمت تجديد التصاميم الداخلية بالبلاط والرخام الحديث، وحرصًا على ضمان الوصول السهل والآمن إلى كافة أنحاء المدرسة، عملت اليونيسف على تحسين ممرات المدرسة لتصبح أكثر أمانًا.
أعربت علياء عن سعادتها مضيفةً "تتمتع المدرسة الجديدة بمجرى هواء جيد، مع توفر نظام تكييف وساحة للعب ومظلات لحمايتنا من أشعة الشمس ودرجات الحرارة المرتفعة. منذ أن دخلنا المدرسة الجديدة، وأنا أشعر بتحسن كبير عما كنت أشعر به في المدرسة القديمة؛ أنا سعيدة بالتحسن الملحوظ الذي لمسته في فهمي للدروس".
كان لهذه التغييرات أثرًا كبيرًا للغاية؛ حيث وجد المعلمون متعة جديدة في التدريس، وشهد الطلبة تحسنًا ملحوظًا في أدائهم الأكاديمي في ظل البيئة المعززة، التي أسهمت بشكل كبير في رفع مستوى استيعابهم ودرجاتهم.
عبّر عز الدين أبو بكر، أحد أولياء الأمور، عن رضاه قائلًا "لمستُ تغيراً ملحوظاً في سلوك ابني تجاه المدرسة، غدا الآن محُبًا لها وشغوفًا بالذهاب إليها، خاصةً مع وجود الفصول الدراسية الجديدة، كما بدى التحسن في مستوى ابني الأكاديمي واضحاً، فلم يعد يعاني من مشاعر القلق أو الملل في الفصل الدراسي". مُضيفًا "اقدرُ باسمي واسم أولياء الأمور هذه الجهود المبذولة، ونشكر كل من اليونيسف ووزارة التربية والتعليم على هذه المبادرة."
تركت هذه التدخلات أثرًا كبيرًا وواضحًا على مدرسة تقروطين، حيث تلبي احتياجات 130 طالبًا في كل وردية، بالإضافة إلى 48 معلمًا وموظفًا. لا يقتصر هذا التعزيز الكبير لقدرة المدرسة وبنيتها التحتية على تحسين بيئة التعلم فحسب، بل يدعم أيضًا الطلبة والمعلمين المتفانين في كل يوم يمر.
تُعد هذه المبادرة جزءًا من دعم اليونيسف الذي يرمي إلى ضمان زيادة قدرات مقدمي التعليم على من أجل تقديم تعليم شامل وجيد ومراعي للنوع الاجتماعي ومن شأنه أن ينمي المهارات لدى الأطفال والشباب.